يُطلق مصطلح اللغة العربية المعيارية الحديثة (Modern Standard Arabic - MSA) على اللغة العربية الفصحى المستخدمة اليوم في وسائل الإعلام المختلفة، وخصوصاً القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة العربية والصحافة المطبوعة والرقمية. إلا أن هذا المصطلح لم يلق بعد نصيبه من البحث اللغوي العلمي، لوضع المعايير التي تميز اللغة العربية المعيارية الحديثة عن اللغة العربية الفصحى الكلاسيكية (التراثية)، والوصول إلى تعاريف دقيقة وواضحة تتيح للمتخصصين اللغويين التمييز بين النوعين والتزام النوع المناسب للمحتوى المطلوب.

يمكن تقسيم الفروقات بين اللغة العربية المعيارية الحديثة والعربية الفصحى الكلاسيكية إلى فئات علم اللغويات الثلاث، أي النحو والمصطلحات والصوتيات (وخصوصاً في مجال الحركات والتشكيل)، وعلامات الترقيم، إلى جانب الفروقات الأساسية في أسلوب الكتابة الرسمية والأدبية، وظهور فنون كتابية جديدة لم تكن معروفة خلال فترة اللغة العربية الفصحى الكلاسيكية. سنحاول في هذه الدراسة الإضاءة على الجوانب اللغوية التي تميز بين هذين النوعين اللغويين، ووضع مجموعة من المعايير الأولية لتحقيق ذلك.

اعتمدنا في هذه الدراسة على البحث الإحصائي لتحديد مدى انتشار التراكيب اللغوية المحددة في المحتوى الرقمي العربي، كمؤشر على مدى انتشار هذه التراكيب في اللغة العربية المعيارية الحديثة. اعتمدنا محرك البحث ’جوجل‘ في تنفيذ البحث الإحصائي ومدى تكرار ورود التراكيب المعينة، مع حذف بعض المواقع التي تعتمد اللغة العربية الكلاسيكية، مثل بعض المواقع الدينية. عملنا على البحث عن أمثلة متعددة عن كل تركيب لغوي، لمحاولة الوصول إلى التكرار الفعلي للتركيب وليس المثال المحدد. قادتنا هذه المنهجية إلى العديد من الاستنتاجات، التي قمنا بعرضها على عدد من المتخصصين اللغويين في المحتوى العربي الحديث لبيان الرأي، وانتخبنا منها ما توافق عليه هؤلاء المتخصصون.

يهمنا توضيح أن الاستنتاجات الواردة في هذه الدراسة هي مجرد منطلق لبحث أعمق ونقاش أوسع بين جمهور المتخصصين، ويهمنا في هذا السياق سماع رأي أساتذة اللغة العربية الأجلاء، إلى جانب المخضرمين من المتخصصين في الترجمة والمحتوى العربي الحديث، بفرعيه الرقمي والمطبوع.